لا استقرار داخلي من دون عدالة دولية

لا استقرار داخلي من دون عدالة دولية

  • لا استقرار داخلي من دون عدالة دولية

اخرى قبل 4 سنة

لا استقرار داخلي من دون عدالة دولية

بعد مرور خمسة عشر عامًا على جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبعد قرارها الظني، تنطق اليوم المحكمة الدولية بحكمها النهائي، في الوقت الذي يمرّ فيه لبنان في اصعب ظرف لم يسبق أن مرّ به في تاريخه، على رغم المصاعب والمشاكل، التي عاشها هذا الوطن المعذّب، منذ سنوات طويلة، وبالأخص في السنوات الأخيرة.

ومع صدور هذا القرار تُسدل الستارة عن جريمة العصر، وسط كمّ هائل من التساؤلات عن مدى المواءمة بين تطبيق العدالة، وإن كانت خلاصة الحكم معروفة الإتجاهات، وبين تحقيق الإستقرار الداخلي، وحرص الجميع، ومن بينهم بالطبع الرئيس سعد الحريري، على أن تبقى الساحة الداخلية في منأى عن التجاذبات الناتجة عن مبدأ شمولية العدالة الدولية، بغض النظر عن موقف "حزب الله" المبدئي من المحكمة الدولية وأحكامها، خصوصًا أنه على مدى سنوات طويلة، أي منذ أن قامت هذه المحكمة كان لـ "حزب الله" موقف مبدئي منها، وهو لم يحد عنه يومًا، اذ كان ولا يزال وسيبقى يعتبر أن كل ما يصدر عن هذه المحكمة له علاقة بالسياسة، وأن هذه المحكمة مسيسة، وبالتالي لا يمكن الإعتداد بما يصدر عنها من قرارات أو أحكام، وهو يعتبر نفسه غير معني بهذه القرارات أو تلك الأحكام، وبالتالي فهو لن يعير أحكامها أي إهتمام، وسيكون تصرفه كما كان في السابق وإعتبار المحكمة غير قائمة وغير موجودة، إنطلاقًا من المفاهيم الخاطئة التي بنت عليها فرضياتها وإستنتاجاتها، خصوصًا أن ما سيصدر عنها لا يعدو كونه سوى محاولة لتشويه صورة الحزب وإلصاق صفة الإرهاب به، وهي سياسة تعتمدها الولايات المتحدة الأميركية في حربها ضد "حزب الله".

 

فيوم الثامن عشر من شهر آب هو يوم عادي بالنسبة إلى "حزب الله"، الذي سيحاول تجاهل ما سيصدر عن المحكمة الدولية ، خصوصًا بالنسبة إلى التهم المساقة ضد كل من: سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا، وشخص يعرّف عنه بعلامة x، وهو سيكون المفاجأة، وهم جميعًا ينتمون إلى الحزب، ولكنهم متوارون، وبالتالي لا أحد يعرف مكان إقامتهم، سواء أكانوا في لبنان أو في سوريا أو في إيران أو في أي مكان آخر، بمعنى أن الاحكام التي ستصدر في حقهم كونهم المنفذين المباشرين لجريمة إغتيال الحريري ستكون من دون أي قيمة ملموسة تمامًا كأنها تدّعي على مجهول، الأمر الذي سيجعل من هذه الأحكام مجرد حبر على ورق، إلا إذا ذهبت المحكمة إلى حدّ إتهام قيادات في الحزب كانت على صلة مباشرة بالمنفذين، وإعتبار هذه القيادات مشاركة في عملية التخطيط والرصد والتحريض، فضلًا عن إتهامها مباشرة بالضلوع في جريمة الإغتيال تخطيطًا وتوجهًا وتحريضُا وضلوعًا.

 

ففي هذه الحال هل يستمر "حزب الله"في سياسة التجاهل أم أنه سينتقل إلى مرحلة جديدة من المواجهات، التي ستضاف إلى مواجهاته للعقوبات الأميركية المفروضة عليه، وبالتالي كيف سيكون موقف الحكومة اللبنانية المستقيلة من هذا الأمر، الذي سيحتمّ عليها إتخاذ موقف ما، خصوصًا أن الإتهامات التي ستوّجه إلى الحزب سيطاولها معنويًا، إن لم نقل مادّيًا أيضًا، بإعتبار أن "حزب الله" كان المكّون الأساسي من مكونات هذه الحكومة، إن لم يكن المكّون الأكثر فاعلية فيها، على إعتبار أنها حكومته وله اليد الطولى في بقائها وإستمراها على قيد الحياة.

 

قد لا يكون "حزب الله" غير محرج تجاه أي حكم أو قرار سيصدر عن المحكمة الدولية لأنه لا يعترف في الأساس بوجودها، ولكن الأمر بالنسبة إلى الحكومة المستقيلة فمغاير، وهي معنية بكل سطر سيصدر عن المحكمة، وسيكون عليها التعاطي مع أحكامها بموضوعية على قدر ما يُسمح لها، وهي بالتالي لا يمكنها أن تتجاهل مثل هذا الأمر وإلاّ عُدّت خارجة عن الإطار الدولي العام، لأن باب المفاجآت مفتوح معها على مصراعيه، خصوصًا بعد زلزال بيروت والهبّة الدولية لمساعدة لبنان، ومدى تأثير ذلك على التكليف ومن ثم التأليف لتأتي حكومة يُفترض الا تكون على شاكلة الحكومة المستقيلة، وأن تأخذ في الإعتبار حكم العدالة الدولية.

التعليقات على خبر: لا استقرار داخلي من دون عدالة دولية

حمل التطبيق الأن